لا أعلم كيف تمكن الكثير من المنتفعين والمتسلقين في قطاع غزة من الذين يحملون لقب شخصية اعتبارية من حصولهم على هذا اللقب كذبا وبدون وجه حق … فالشخصيات الاعتبارية المجتمعية في قطاع غزة هي ما بين الأكاديمي والوجيه والسياسي والتعليمي والوطني والإسلامي والفكري والأدبي والمجتمعي وما شابه ذلك ، ومن خلال علاقتي مع الكثيرين منهم ، لم ألمس مصداقية وطنية بمعناها الحقيقي ، ولمست ما يخفونه في الخفاء من خُبث وسلبية وحب الأنا والظهور والانتهازية والتسلق ، وانتظار مقاسمة الكعكة ،والحرص الخفي على المصالح الخاصة التي يغلبونها عن مصلحة الوطن والشعب ، وعندمايظهر هؤلاء في ورشات العمل ، أو في ندوات أو محاضرات خاصة ، أو أمام وسائل الإعلام المختلفة ، أو في جلسات حوارية متنوعة ، تجدهم احرص ما يكونوا على قضايا الوطن وهموم المواطن ، وهم في حقيقة الأمر أبعد ما يكونوا عن الانتماء الوطني ، ومنهم من يدعي الانتماء السياسي لهذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك ، ومنهم من يدعي الاستقلالية، فقد سألت الكثير منهم ماذا تفعلون عندما تذهبون إلى … قالوا : لا شيء ، غير أننا نشرب القهوة أو الشاي أو البارد ، ونتسلى مع هذا وذاك ، ونكسب صداقات جديدة من خلال كسر الوقت وهكذا ، وفجأة وبقدرة قادر يرتدون لقب شخصية من ماركة معينة ، أومن صناعة معينة ، وعلى المقاسات الخاصة ، بمن يحلو تسمييتهم شخصيات مجتمع مدني .
إن شخصية المجتمع المدني يجب أن يؤرقها ما آلت إليه أمورنا في غزة ، ويجب أن يقض مضاجعها معاناة أهلنا، لقد اتصلت بالكثير من هؤلاء من اجل البحث عن قواسم مشتركة بينهم ، وبعيدا عن السياسة وأوجاعها ومناكفاتها ، وطلبت منهم العمل معا من اجل تخيف معاناة المواطن الفلسطيني والوقوف على مشاكله ، فوافق البعض من تلك الشخصيات لتثبت مجددا انتماءها الحقيقي للأرض الفلسطينية وللإنسان الفلسطيني.
فلتلك الشخصيات كل الاحترام والتقدير لما تتمتع به من جلد وحلم خدمة لأهلها في قطاع غزة ، أثناء مرافقتنا في مقابلات كثير من المسئولين ؛ من اجل إيجاد الحلول لكثير من المشكلات التي يعاني منها أهلنا في غزة ، وقيامها بكثير من الفعاليات التي تصب في هذا الاتجاه ، أمام رفض الكثير من شخصيات آخر موضة تحت ذرائع واهية ، تعبر عن ثقافتهم وسلبيتهم وحقيقة هامشيتهم ومحتواهم .
فأين تلك الشخصيات الاعتبارية من فعاليات الأسرى أمام الصليب الأحمر من كل يوم اثنين ؟
وأين هي من إضراب خضر عدنان الذي يتعرض للموت البطيء ؟
وأين وقوفها أمام مشكلة كهرباء غزة ومياهها الملوثة وأزمة الوقود ؟
وين دورهم الايجابي من الانقسام الفلسطيني ا أين دورها أمام الانقسام الفلسطيني وإفرازاته ونتائجه الخطيرة ؟
وأين هي من ارتفاع رسوم طلاب الجامعات ،وترك الكثير من طلابنا لمقاعد دراستهم ؛ بسبب عدم تمكنهم من دفع الرسوم ؟
وأين هي من مشكلات التعليم والصحة والعمل وغير ذلك ؟
ثم بعد كل ذلك كله ترتدي لقب شخصية تميل حيث مالت كفة الميزان ، وتصفق لهذا المسئول ، وترقص مع ذاك ، خدمة لمصالحها الخاصة…
ولا يخفى على احد أن بعض مؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزة على الرغم من ضعف فعالياتها لها انتماءات من هنا أو هناك ، ممايضعف من مصداقية تمثيلها للمجتمع المدني بالشكل العلمي والمتعارف عليه عالميا إنسانياوقانونيا ، فهي ترتدي ثيابا فضفاضة ، وتتلون كيفما شاءت تحت أقنعة العمل المجتمعي، علما بأن مؤسسات العمل المجتمعي يجب أن تكون في موقف المكمل والمعارض في آن واحد لحكوماتها ، ولا تبحث عن الحكم ، وهدفها الوحيد هو خدمة مواطنيها.
إن شخصيات المجتمع المدني يجب أن تكون أدواتبناء لا معاول هدم ، ويجب أن توحد ولا تفرق ، ويجب أن تبتعد عن الرقص على كل الحبال ، تسهر على مصالح مجتمعها ، تمسك العصا من الوسط ، بعيدة عن الانتهازية والتملق، يجب أن تثبت مصداقيتها من خلال الميدان ، لا من خلال حب المدح والإطراء ،والرياء والنفاق ، وشتم هذه القوة الفلسطينية أو تلك ، تسبيحا بحمد هذا القائد أوذاك ، وسعيا لرضاه فحسب .
ترى أحدهم في صدارة المجالس منتفخا كشجرالجميز وهو صِفرا في مجال تخفيف معاناة الناس ، وإن قصدته من اجل تخفيف رسوم طلاب الجامعات أو زيارة المرضى أو أسر الشهداء والمعتقلين أو أي فعل اجتماعي تجده يقدم الحجج الواهنة ، والذرائع الكاذبة ؛ هروبا من خدمة أهلنا في غزة ، ثم يرتدي لقب شخصية ويثني عليه في ذلك المنافقون !! .
———-
* كاتب مستقل
-- *بقلم أ . تحسين يحيى أبو عاصي